لا تزال حدة تفشي فيروس كوفيد-19 بالمعدلات الحالية مقلقة، حيث تصل أعداد الحالات بالآلاف ويتم الإبلاغ عن الوفيات يومياً، بينما تتزايد أعداد الأشخاص الملحقين بوتيرة بطيئة كنسبة مئوية من السكان. أصبحت الإصابة بكوفيد-19 والمعاناة من أعراضه الخطيرة أمرًا متوقعًا بشكل أكبر من أي وقت مضى. وهذا يعرض حياة المرضى يومياً للخطر بسبب الدور الرئيسي الذي تلعبه الرئتان في أداء وظيفة الجهاز التنفسي وإمكانية تأثر وظائف الرئة بشكل جسيم بعد الإصابة بفيروس كورونا.
يدخل الفيروس المسؤول عن عدوى كوفيد-19 الجسم عن طريق الأنف والفم، وتصبح الرئتين هي المكان الذي يستهدفه الفيروس على وجه التحديد. وبمجرد إصابة الجسم بفيروس كورونا يكون الجهاز التنفسي هو أول منطقة في الجسم تتأثر بشكل مباشر.
خلال المراحل الأولى من الإصابة، ومثلما هو الأمر في أي عدوى فيروسية، يعاني المرضى من بعض الأعراض ومنها الحمى والتعب والصداع والألم، لكن الأعراض التنفسية تظل غير واضحة. ومع ذلك بعد مرور من ثلاثة إلى أربعة أيام من الإصابة، يبدأ المرضى في السعال ويشعرون بضيق التنفس بشكل دوري. وفي هذه المرحلة ستظهر عليهم بعض الاختلالات إذا خضعوا للأشعة السينية، مثل العلامات البيضاء على الرئتين. وتعد هذه العلامات مصدر قلق كبير لأنها تشير إلى نقص التشبع بالأكسجين الذي يحدث مع تفاقم حالة الالتهاب الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى الالتهاب الرئوي.
بشكل عام، تُعد عدوى كوفيد-19 فريدة من نوعها حيث يحدث التهاب الرئة في أكثر من موضع واحد، وعادة ما يؤثر على 3-4 بقع وينتشر إلى كلا الرئتين. لذا من الضروري إعطاء العلاج الدوائي المناسب من اللحظة الأولى لاكتشاف المرض، بما في ذلك الأدوية المضادة للفيروسات والسترويد (المنشطات) والأدوية الأخرى التي تساعد في استعاة عافية الرئة. وتشير الدراسات إلى أن ما يقرب من 10% يعاني من المرضى من التهاب رئوي حاد، بينما يفقد 1% منهم حياتهم بسبب الفيروس.
إن استجابة الجسم عند الإصابة بكوفيد-19 تشمل التهاب الرئتين، مما يؤدي إلى تكوين غشاء وتندب. وتعتمد شدة هذه الأعراض واحتمالية الشفاء التام للرئة بعد الإصابة على العوامل الآتية:
في الغالب، سيعاني المرضى الذين يتعافون من عدوى كوفيد-19 الخطيرة من بعض التندب أو الغشاء المتبقى على أنسجة الرئة، مما يتسبب في تصلب الأنسجة وضعف معدل التشبع بالأكسجين. وسيكتشف المرضى الذين يخضعون للفحص في هذه المرحلة أن وظائف الرئة متراجعة إلى حد ما، وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد لا يكون واضحاً أثناء راحتهم إلا أنهم سيلاحظون أن ممارسة التمارين أو المهام البدنية الشاقة تجعلهم يشعرون بضيق في التنفس أكثر من المعتاد.
يمكن تقسيم مراحل التعافي وإعادة التأهيل اللازمة لاستعادة صحة الرئة بعد الإصابة بفيروس كورونا إلى مرحلتين. المرحلة الأولى هي أول أسبوعين بعد التعافي من العدوى، وخلالها تظهر بعض العلامات البيضاء عند إجراء تصوير بالأشعة. ومع ذلك سيكون انتشارها ضئيلاً عند مقارنتها بالأشعة التي أجريت أثناء الإصابة. تبدأ المرحلة الثانية في الأسبوعين الثالث والرابع بعد الشفاء من العدوى، عندما يبدأ الجسم في إظهار علامات الشفاء. وبالرغم من ذلك قد لا يظل المرضى يعانون من التعب وانخفاض الطاقة والإرهاق وعدم الشعور بالنشاط.
سيعاني المرضى الذين يتعافون من عدوى كوفيد-19 في صورة التهاب في الرئة من وجود غشاء وتندب متبقي على الرئتين، مما يؤدي إلى إعاقة التنفس ووظائف الرئة خلال الفترة الأولى من التعافي. ومع ذلك يمكن إنعاش الرئة من خلال أداء التمارين لاستعادة بعض المرونة للأنسجة والحويصلات الهوائية، ويمكن أيضاً ممارسة التمارين البدنية الخفيفة لتسريع هذه العملية. ونبين فيما يلي خطوات الشفاء:
بالإضافة إلى أهمية تمارين التنفس وتدريب الرئة والتمرين على إعادة إنعاش الرئتين، هناك خطوات رئيسية أخرى يجب اتخاذها لضمان استعادة صحة الرئة بالكامل. وتشمل هذه الخطوات اتباع نظام غذائي صحي والحصول على قسط كبير من الراحة وتجنب استنشاق دخان السجائر والملوثات الأخرى المحمولة بالهواء. وهذه التوصيات مهمة بشكل خاص للمرضى الذين عانوا من العدوى لفترة طويلة وتعرضوا لمضاعفات خطيرة لأن صحة الرئة الجيدة يمكن أن تعزز المناعة ضد المرض وتضمن العودة السريعة إلى ممارسة الأنشطة الحياتية الاعتيادية.
articles